عالم كرة السلة

في عالم يتسارع فيه التغيير وتتصادم فيه الثقافات، تبرز قضية الهوية كواحدة من أكثر القضايا إلحاحاً. جملة "لن أعيش في جلباب أبي" ليست مجرد تعبير عن رفض الموروث، بل هي صرخة وجودية تطرح أسئلة عميقة عن حدود التمرد وضرورات الانتماء. لنأعيشفيجلبابأبيتمثيلالهويةبينالأصالةوالانسلاخ

التمرد كضرورة وجودية

للشباب العربي الحق في البحث عن ذواتهم خارج الأطر الجاهزة. فالهوية ليست عباءة موروثة نرتديها دون تفكير، بل هي نسيج حيوي ننسجه بخيوط تجاربنا واختياراتنا. عندما يقول الشاب "لن أعيش في جلباب أبي"، فهو يمارس حقه الطبيعي في تشكيل هويته الخاصة، وهو ما يشبه إلى حد كبير عملية الفطام النفسي والثقافي الضرورية للنمو.

لكن... أين حدود هذا التمرد؟

في حمى البحث عن الذات، قد يتحول الرفض إلى انسلاخ كامل من الجذور. هناك فرق شاسع بين تجديد الموروث واقتلاعه من جذوره. الثقافة العربية تحمل في طياتها قيماً إنسانية عريقة كالكرم والشجاعة والتضامن الاجتماعي، وهي قيم لا تعيق التقدم إذا فهمناها في سياقها الصحيح.

التمثيل الثقافي: عندما يصبح الرفض مسرحاً

المشكلة الكبرى تكمن في تحول هذا التمرد إلى "تمثيل" - إلى أداء سطحي يهدف لإثارة الإعجاب أكثر من كونه بحثاً حقيقياً عن الذات. بعض الشباب يرفضون "جلباب الأب" ليس لأنهم فهموا حدوده، بل لأنهم يريدون أن يظهروا "حديثين" في عيون الآخر. هذا النوع من التمرد المسرحي لا يبني هوية جديدة، بل يخلق فراغاً وجودياً مملوءاً بالتقليد الأعمى لثقافات أخرى.

نحو مصالحة إبداعية

الحل ليس في القبول الأعمى ولا الرفض الأعمى، بل في "إعادة تخيل" الموروث. بإمكان الشاب العربي أن يخلق توازناً خلاقاً بين الأصالة والمعاصرة، بين احترام الجذور وضرورات العصر. يمكن أن نرفض بعض مظاهر الماضي دون أن نرفض جوهره، يمكن أن نعيد تفسير التراث لا إلغاءه.

الهوية ليست سجناً ولا فراغاً، بل هي رحلة دائمة من البحث والتشكيل. عندما يقول أحدهم "لن أعيش في جلباب أبي"، عليه أن يسأل نفسه: ما الذي سأرتديه بدلاً منه؟ فالهوية الحقيقية لا تُخلع كالثوب، بل تُبنى بحكمة وشجاعة.